Khasawneh_logo

 

لي الفخر أني أردنـي ... وسهـول الحوران موطنـي ...
والخصـــــاونــــة كنيتـي ...

H.E. Thougan Hindawiمعالي المرحوم السيد ذوقان الهنداوي

رئيس الديوان الملكي والوزير السابق
الأطول في الحكومات الأردنية

عودة إلى الصفحة السابقة

28-6-2010

ذوقان الهنداوي .. رجل دولة وفارس تربية.. بقلم الدكتور محمود عبابنة

عرفت ذوقان الهنداوي عن قرب لأول مره بعد فوزه بالانتخابات النيابية التكميلية لعام 1987 ، فقد زرته ببلدته النعيمة مع قريبا لي كان تلميذاً مدرسياً لذوقان للتهنئة بفوزه في الانتخابات, وكانت جلسة الاستقبال ببهو مضافة الهنداوي ذات البناء التاريخي العريق وتحدث ذوقان عن الانتخابات وهموم الناس وشؤون عامة مختلفة ، ولا أنكر إنني أسرت بطلاوة الحديث, وبلاغة اللغة وحسن الإلقاء ، فقد اطر الرجل كلامه بمنطق استشرافي متقدم تنغرس مقدماته وجذوره في تراثنا الشعبي مستشهدا بأمثال الحكمة السديدة التي يبدوا أن الرجل وضعها دستورا لحياته كما اثبتت ذلك الأيام والأحداث التالية في شريط حياته.

واذكر من ذلك الحديث اعتزازه الشديد بعروبته, و لهفته على فلسطين, وإيمانه بأن الأردن بلد حباه الله بقائد عظيم هو جلالة المغفور له الحسين بن طلال، وان الهاشمين هم جذوة هذه ألامه وحملة الراية المحمدية العربية ، كما وأسهب بالحديث عن الأوضاع في الأردن ومدى التطور بدأً من عقود الأربعينات والخمسينيات من القرن الماضي ، وكيف تبدلت الحياة بدأ من انتشال ماء الشرب من ( البير ) وإرسال المكسور إلى المجبر (عميش) ببلدة الحصن لعلاجه وتجبيره - بالبيض و العيدان- إلى ما نراه اليوم من انتشار واسع للمستشفيات والجامعات والمعاهد والطرق وتوفر وسائل الراحة والرفاهية ومد الطرق وشبكات الكهرباء والمياه إلى سائر أنحاء البلاد ، وقال ان الشعب الأردني بكل أطيافه وبقيادة الملك وعزيمته النافذه هو الذي حقق هذه المكتسبات بالرغم من شح الإمكانيات وقلة الموارد ، وضرب مثلا على ذلك قصة بناء المدنيتين الرياضية و الطبية.

ولا أنكر أني وقفت عند ذلك متمليا ، هل يطمح الرجل لمنصب او وزراه جديده؟ ام ان كل ما قاله واقع ملموس يشاهد بالعين المجردة. وفي طريق العودة حدثني عمي ومصطحبي بالزيارة عن حقيقة هذا الرجل واذكر أنة حدثني كثيرا عن والد ذوقان ووطنيته، وقال ان والده سالم الهنداوي من زعماء وشيوخ الشمال وقد كان وطنيا ومقداما وانه أمد الثوار في فلسطين بالسلاح والمال وان سلطات الانتداب سجنته مع مجموعة من الوطنيين الاردنيين في ذلك الوقت وان ذوقان تربي في كنف والده وبدأ معلما ومربيا في مدارس المملكة حتى أصبح وزيرا ثم قربه جلالة الملك إليه واختارة مديرا للديوان الملكي ، وان هذا الرجل لا يخرج كثرا ويمضي معظم وقته بالقراءة وملاقاة الناس وسماع هواجسهم وحل مشاكلهم. ويكنى في ربوع الشمال ب(أبو المدارس) كناية عن جهوده في افتتاح المدارس والمعاهد ابان تولية وزارة التربية والتعليم لعدة مرات.

منذ ذلك اليوم لم التقي به الا عام 2005 وكان ذلك في احد ايام العيد و كنت برفقة الصديق الدكتور ياسين الخياط وكان ولده الدكتور احمد الهنداوي وزيراً وفي الجلسة التى طالت استمعنا لابو محمد على ما اذكر عن ظاهرة إطلاق النار بالأعراس،و عن مناهج التعليم المدرسي وما يشوبها و عن عنف الجامعات وقال إنها ظاهرة هجينة على مجتمعنا وسأله احد الحاضرين عن استقالته الطوعية من منصب نائب رئيس الوزراء, وقد اجابة باسهاب سلس عن القناعات والمواقف و احترام الذات دون نقد او اساءة لاحد, وحسب رايه فاءن الزبد سيذهب جفاء وما يمكث في الأرض هو ما ينفعها . وعندما سأله احد الحاضرين : هل انت متشائم ؟ اجاب بالنفي وقال ان الحديث وتبادل الاراء حول هذه الامور ظاهره صحية توكد اننا في مجتمع منفتح و حر و حيوي و ان الاردن بخير متوسما بالقيادة الهاشمية لجلالة الملك استمرارا لمسيرة البناء و الانجاز وذكر بالتربية والاعداد الذي حظى به جلالة الملك عبدالله الثاني ,و ما اطلع عليه من معارف وعلوم و عن حياته مع الجنود ومشاركتهم اللقمة و الفرح والحلم وقال: "ان هذا الشاب تربى في مدرسة الحسين وهي مدرسة عظيمة ..انا تعلمت منها" .

اكتب عن ذوقان الهنداوي الذي ارتبط اسمه بالتعليم والزهد والحكمة والذي رحل إلى الرفيق الأعلى قبل خمس سنوات ، وليس من اولاده او اخوانه وزيراً أو مسؤولاً حتى اخطب وده، ولكنني اذكر بحقيقة الرجل وتاريخه الناصع فذوقان الهنداوي ابن الشيخ والعشيرة والمعلم والوزير ورئيس الديوان الملكي ونائب رئيس الوزراء مات مديوناً بتكاليف بناء بيته واقساط البنك المقرض يدفعها ولده المغترب, المجد الدكتور احمد الهنداوي حتى ألان.

ذوقان الهنداوي الاردني الاصيل, عاشق فلسطين ومؤلف كتاب (القضية الفلسطينية), ومنشىء المدارس وصاحب المواقف الرجولية مات واقفا كأشجار السنديان, فحق ان نذكره ونطلب له الرحمة وعسى اللة ان يكثر على بلدنا رجالا من امثاله.