Khasawneh_logo

 

لي الفخر أني أردنـي ... وسهـول الحوران موطنـي ...
والخصـــــاونــــة كنيتـي ...

Mohammed Saleh Fawaz Khasawnehحول التطورات السياسية في الأردن:
 رضا الناس غاية لا تُدرك، أما رضا الله فهي غاية لا تُترك

لإضافة تعليقعودة إلى الصفحة السابقة

 

25 تشرين الأول 2011

محمد صالح فواز الخصاونة

أكتب هذه المقالة بُعيد إعلان التشكيلة النهائية لحكومة دولة القاضي عون الخصاونة وحلفها اليمين أمام جلالة الملك. وبداية أود أو أؤكد على أنني أكتب هذه المقالة بصفتي الشخصية كمواطن أردني غيور على مصلحة الوطن، وليس بصفة القُربى إلى شخص الرئيس الذي أعتز به وأفتخر. حيث لفتت نظري بعض الردود والتفاعلات التي تحصل في الصحف الإليكترونية والفايسبوك والتويتر،  ويا إلهي ما أكثر هذه الردود وما أشد تناقضها مع بعضها البعض. فكل فرد أو مجموعة أو تيار يفترض أن الرأي والأولوية التي تتبناها جماعته هو فقط الصحيح، وينتقد بشدة وبعنف ليس فقط الرأي الآخر بل ينتقد أيضا فكرة تقبل محاورة الأطراف الأخرى المغايرة لرأي جماعته. وهذا الأمر–في نظري وأعتقد أن الجميع يشاركونني فيه- لا يجوز، لأنه يجب على الجميع إحترام آراء الأخرين وتقبل فكرة التعددية السياسية والفكرية في المجتمع.

لقد دأب الرئيس عون الخصاونة منذ بداية تكليفه على مقابلة جميع الأطياف الإجتماعية والسياسية التي تسنّت له مقابلتهم خلال تلك الفترة الضيقة التي لاتتجاوز الأسبوع، وذلك في محاولة منه للإستماع إلى مطالب وآراء كل جهة، وعمل مقاربة في وجهات النظر بينهم من أجل مساعدته في تحديد تشكيل الحكومة الجديدة التي من شأنها العمل على إرساء قواعد الديمقراطية والتشريعات الدستورية الناظمة لها بما يتوافق مع أهداف الشعب الأردني وكما هو محدد في كتاب التكليف السامي. حيث كان الهدف من هذه الإجتماعات هو إشراك أكبر قدر ممكن من الناس في وضع تصوراتهم وآرائهم من أجل بناء أردن أفضل، والتأكيد على مبدأ أهمية الحوار والتعددية السياسية في تشكيل تصورات الحكومة الجديدة. ولكن لم يكن أبدا هدف هذه الإجتماعات هو إسترضاء هذه الأطراف (مثلما يظن البعض) على حساب مصلحة الوطن والمواطنين.

بالإضافة إلى ذلك، فإن دولته سعى أيضاً خلال هذه الفترة الضيقة إلى البحث عن أشخاص أردنيون يتسمون بصفتي النزاهة والكفاءة من أجل ضمّهم إلى طاقم الحكومة الجديدة. حيث إعتبر دولته أن هاتان الصفتان أساسيتان لاتفريط فيهما؛ لأنهما حق من حقوق الشعب الأردني الأبي وأساس منطقي لإستعادة ثقة المواطنين بالنظام.  ولكن تجدر الإشارة إلى أن تطبيق هذا الأمر ليس سهلا أو هيّنا من باب أن إختيار هؤلاء الأشخاص يتطلب أن تكون هناك معرفة عملية سابقة أو وجود شواهد عملية ثابتة وواضحة، تضمن أن هؤلاء الأشخاص يتمتعون حقا بالنزاهة والأمانة والكفاءة المهنية المطلوبة لتسلم إحدى الحقائب الوزارية، وتضمن أيضاً عدم خروجهم عن الولاية العامة للرئيس. فليس من مصلحة رئيس الحكومة ولا الدولة الأردنية (شعبا ونظاما) إختيار أشخاص لا يعرفهم الرئيس بناء على تزكية جهة ما، وما يترتب على ذلك من تعريض الحكومة لخطر الخروج عن الولاية العامة أو ثبوت عدم أهلية هؤلاء الأشخاص فيما بعد. فالوضع حرج ولا يستحمل أية أخطاء. وبما أن الوزارات المتعاقبة في العقد الماضي أثبتت فشلها في إنجاب العديد من الوزراء المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والإحترام الشعبي (بإستثناء عدد قليل منهم)، فإن ذلك إستدعى من دولته إستدعاء أشخاص خدموا الدولة الأردنية سابقا في عقد التسعينيات ومشهود لهم بالنزاهة والأمانة والكفاءة . كما تجدر الإشارة إلى أن دولة الرئيس راعى أيضاً التوزيع الديموغرافي والجغرافي للأردن في إختياره لأعضاء طاقمه الوزاري. فكانت المحصلة النهائية:  في الدرجة أولى حكومة تكنوقراط  من أشخاص يملكون صفتي النزاهة والكفاءة،  وفي الدرجة الثانية أشخاص يمثّلون بشكل عادل التوزيع الجغرافي والديموغرافي للأردن. وهذا الأمر تطابق مع تصريحات دولة الرئيس السابقة لوسائل الإعلام لدى تكليفه من قبل جلالة الملك.

لقد بدأت الإنتقادات والإتهامات تنهال على الرئيس وحكومته من قبل حتى أن تتشكل، وكل حركة أو توجه كان يقوم به دولة الرئيس يتم إنتقاده من إحدى الجهات إعتقادا منها أن الرئيس يحاول إسترضاء الطرف الآخر المغاير لها على حسابها، أو محاولة للمزايدة السياسية من أجل تحسين صورتها في الشارع الأردني. لذلك فإن ما أريد أن أقوله هنا أن دولة القاضي عون الخصاونة لايحاول هنا إرضاء الجميع بقدر ما يحاول إرضاء الله سبحانه وتعالى وإرضاء ضميره الوطني؛ لأن من المعروف أن رضا الناس غاية لا تدرك أما رضا الله والنفس فهي غاية لا تترك. لقد أجمع الجميع (من كافة الأطياف السياسية والإجتماعية المختلفة) على أن شخصية دولة القاضي عون الخصاونة (61 عاما) تتسم بالنزاهة والأمانة والأدب والأخلاق الرفيعة، بالإضافة إلى أنه رجل قانون يؤمن بروح العدالة والمساواة. وجاءت تصريحات الرئيس فيما بعد لتؤكد إيمانه العميق بتحقيق العدالة في المجتمع وسعيه نحو إستعادة ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة. لذلك يجب أن يدفعنا هذا للشعور بالثقة والإطمئنان؛ لأن رجلا مثل عون الخصاونة لن يرضى أبداً بالتفريط بمبادئه ومعتقداته، وأنه سيبذل قصارى جهده للقيام باالدور المطلوب منه في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الأردن.

إن عجلة الإصلاح في الأردن تتطلب وجود طرفين لإدارتها بنجاح وضمان عبور الأردن هذه المرحلة الحرجة بأمن وسلام لما فيه مصلحتنا جميعا: الطرف الأول في هذه المعادلة هو الدولة والنظام الممثلة بسلطاته الثلاثة، والطرف الثاني هو الشعب وما يمثله من مؤسسات مدنية ومهنية وإجتماعية (الغير ممثلة في السلطة التشريعية). لقد بدأ الطرف الأول بإتخاذ أولى الخطوات نحو عملية الأصلاح، وما على الطرف الثاني إلا مساعدة الطرف الأول بالتجاوب الإيجابي والصبر الإيجابي من أجل الإسراع من وتيرة الإصلاح وبناء أردن أفضل وأقوى. كلنا من كافة الخلفيات والإتجاهات نحب الأردن، وكلنا أبناء بلد واحد ونرتبط مع بعضنا بأواصر الحب والمودة. لذلك لن يكون صعبا علينا أن نتعاضد ونتكاتف مع بعضنا البعض لتجاوز كافة العقبات التي قد تواجهنا في طريقنا نحو الإصلاح في الأردن.

وأما بالنسبة للردود العديدة والمتناقضة التي جذبتني بداية إلى كتابة هذا المقال، فإنني أجد نصيحة لقمان الحكيم خير مثال على ما أقصده. وتاليا نصيحة لقمان لولده والتي إقتبستها من إحدى المواقع الإليكترونية:

" رُوي أن لقمان الحكيم قال لولده في وصيته : لا تعلٌق قلبك برضا الناس ومدحهم وذمهم ، فإن ذلك لا يحصل ولو بالغ الإنسان في تحصيله بغاية قدرته .فقال له ولده ما معناه : أحب أن أرى لذلك مثلا أو فعالا أو مقالا .

فقال له : اُخرج أنا وأنت ، فخرجا ومعهما بهيم فركبه لقمان وترك ولده يمشي خلفه ، فاجتازا على قوم ، فقالوا : هذا شيخ قاسي القلب ، قليل الرحمة ، يركب هو الدابة وهو أقوى من هذا الصبي ، ويترك هذا الصبي يمشي وراءه ، إن هذا بئسَ التدبير .فقال لولده : سمعتَ قولهم وإنكارهم لركوبي ومشيك ؟ فقال : نعم .

فقال : اركب أنت يا ولدي حتٌى أمشيَ أنا ، فركب ولده ومشى لقمان فاجتازا على جماعة أخرى ، فقالوا : هذا بئسَ الوالد ، وهذا بئس الولد ، أمٌا أبوه فإنه ما أدب هذا الصبي حتى ركب الدابة وترك والده يمشي وراءه ، والوالد أحق بالاحترام والركوب ، وأما الولد فإنه قد عقٌ والده بهذه الحال ، فكلاهما أساء في الفعل .فقال لقمان لولده : سمعت ؟ فقال : نعم .

فقال : نركبُ معاً الدابة ، فركبا معا فاجتازا على جماعة ، فقالوا : ما في قلب هذين الراكبين رحمة ، ولا عندهم من الله خير ، يركبان معاً الدابة يقطعان ظهرها ، ويَحمِلانِها ما لا تُطيق ،لو كان قد ركب واحد ، ومشى واحد كان أصلح وأجود .فقال : سمعت؟ : قال : نعم .

فقال : هاتِ حتى نترك الدابة تمشي خالية من رُكوبنا ، فساقا الدابة بين أيديهما وهما يمشيان فاجتازا على جماعة فقالوا : هذا عجيب من هذين الشخصين يتركان دابة فارغة تمشي بغير راكب ويمشيان ، وذمٌوهما على ذلك كما ذمٌوهما على كلٌ ما كان .

فقال لولده : ترى في تحصيل رضاهم حيلةً لمحتال؟ فلا تلتفت إليهم ، واشتغل برضا الله جلٌ جلاله ، ففيه شُغُلُ شاغل ، وسعادة ، وإقبال في الدنيا ويومَ الحساب والسٌؤال ."

وفي الختام، فإنني أسأل الله عز وجل أن يوفق دولة القاضي عون الخصاونة ويعينه على هذه المهمة الصعبة والنبيلة، وأن يسدد خطاه على طريق الخير والتقوى مثلما فعل دائماً.

 

حمى الله الأردن وطنا وشعبا وقائدا

والله من وراء القصد