Khasawneh_logo

 

لي الفخر أني أردنـي ... وسهـول الحوران موطنـي ...
والخصـــــاونــــة كنيتـي ...

دولة القاضي عون الخصاونة

عون شوكت الخصاونة
الرجل القدوة والحافظ الأمين لمسؤولياته الدستورية

تحميل الرسالةعودة إلى الصفحة السابقةعن مسيرته الدولية

 

28 نيسان 2012

محمد صالح فواز الخصاونة

بسم الله الرحمن الرحيم

مرة أخرى، يجدد أبناء عشيرة الخصاونة فخرهم وإعتزازهم بدولة القاضي عون شوكت الخصاونة، الرجل الصادق والعادل والشريف، صاحب المواقف الشجاعة والجريئة، ورجل المهام الصعبة في هذه الظروف الصعبة والحاسمة التي تمر بها أمتنا العربية بعامة والأردن بخاصة. ظروف إستشرى فيها الفساد والمحسوبية والسطو على المال العام، وكثرت فيها الأقاويل والإشاعات والإتهامات الجائرة في إطار ما يُعرف بالفوضى الخلّاقة، وعلى نحو أدّى لدى البعض إلى فقدان البوصلة الحقيقية للإصلاح، وعدم التمييز بين الغثّ والسّمين، والجري وراء الشعارات البرّاقة المخادعة، والتي يرفعها في أغلب الحالات أصحاب الأجندات الخاصة وأتباعهم سعياً منهم للدفاع عن الفاسدين والمفسدين الحقيقيين، والذين بدأت يد العدالة تُطالهم في عهد حكومة دولته، وبدأت قضاياهم وملفاتهم تُقدّم تِباعاً إلى هيئة مكافحة الفساد والمحاكم النظامية الأخرى.

لقد دخلت حكومة دولة عون الخصاونة تاريخ الأردن من أوسع أبوابه كأول حكومة أردنية في العهد الملكي الرابع تأتي لتؤكد وترسخ مبدأ وحق الولاية العامة للسلطة التنفيذية، وتؤكد أيضا على مسؤولية رئيس الوزراء المطلقة والمباشرة أمام القانون والإبتعاد عن التذرع بأوامر وتوجيهات "من فوق" تهدف الى تسييس قرارات مجلس الوزراء مثلما دأبت على فعله الحكومات السابقة، والتي أدخلت مؤسسة القصر الملكي في احراجات لا حصر لها مع الشعب الأردني الأبي. حيث كان دولته في رأي الكثيرين من أبناء الوطن المخلصين أفضل وأنزه وأكفأ رئيس حكومة عرفها التاريخ الأردني، وكان أداء حكومته مثالا للنزاهة والكفاءة والإخلاص لله والوطن والملك.

فبالنسبة لمن يتسائل عن إنجازات حكومة دولة عون الخصاونة خلال الستة الأشهر الماضية، وبعيدا عن ذكر انجازه التشريعات الدستورية التي قام بتحضيريها وتقديمها وفقا لأرقى وأفضل الدساتير العالمية، فإنه يكفيه فخراً أنه استطاع فتح معظم ملفات الفساد في الأردن، وحاول تحويلها كلها الى القضاء العادل ليأخذ مجراه وتكون له كلمة الفصل، مراعياً في نفس الوقت الإبتعاد عن الإشاعات والأقاويل وإغتيال الشخصيات الشريفة. فكان عادلا مع الجميع دون تمييز. الا أن مجلس نوابنا غير المأسوف عليه قام بإحباط معظم محاولاته وقام بإغلاق معظم ملفات الفساد في فترة زمنية قصيرة جدا. هذا ناهيك عن قوى الشد العكسي ومراكز القوى الخفية التي استشعرت الخطر وقامت منذ اليوم الأول لتكليفه بشن حملة ضارية عليه، ونشرت العديد من الإشاعات المغرضة عبر أقلام مأجورة وإنتهازية من أجل تشتيت جهوده وثنيه عن مسعاه الإصلاحي.

كما كان واضحا جدا أن كل فعل وقرار اتخذه عون الخصاونة كان يتم عبر تفعيل أحكام القانون والدستور الأردني، وليس عبر مسرحيات تمثيلية وهزلية كما كان يحصل سابقا وما تضمن ذلك من تقديم أضحيات شكلية من أجل تسكين الإحتقان الشعبي مؤقتا. فالرجل لا يبحث عن شعبيات ولا عن مصالح شخصية وليس طالبا للمناصب، وانما كان يحرص على احقاق الحق ورفع الظلم عن الناس. فالعدل كان هاجسه ومبتغاه. وفي سبيل ذلك، قام بالتضحية بمنصبه الدولي كنائب لرئيس محكمة العدل الدولية (وهو الذي كان على بعد عدة أشهر من تولي رئاستها) من أجل تلبية دعوة جلالة الملك لرئاسة الحكومة الأردنية في فترة حرجة جدا من تاريخ الأردن بهدف خدمة وطنه والحرص على رفعته.

وأما بالنسبة لما يزعمه البعض (بما في ذلك مؤسسة القصر الملكي وسوء تقديرهم للموقف مع إحترامنا الشديد ووفائنا لهم) من تباطؤ في انجازات الحكومة، فلقد كان عون الخصاونة واضحا منذ البداية الى أنه لا يحبذ السرعة على حساب الجودة، وقدم في خطاب الثقة جدولا زمنيا واضحا ودقيقا بكافة التشريعات والقوانين التي ستقدمها الحكومة ومواعيدها، والتي على أساسها نالت حكومته الثقة من مجلس الأمة والقصر الملكي. وكان الخصاونة أيضا عند وعده بتقديمها جميعا في موعدها المحدد بإستثناء مشروع قانون الإنتخاب الذي تأخر بضعة أيام بسبب اضطرار دولة عون الخصاونة في ذلك الوقت ترؤس الوفد الأردني في قمة بغداد لتمثيل الملك الذي غاب عنها لدوافع أمنية.

والجدير بالذكر أن الملك في فترة ليست ببعيدة، كان قد صرح لإحدى الوكالات الإعلامية الأجنبية برضاه الكامل عن سير الحكومة في تسيير وإقرار كافة التشريعات الدستورية التي تعهدت بها، وعن مدى إعجابه بالتزامها بالجدول الزمني الذي قدمته. لذلك فإن من كتب خطاب رد جلالة الملك على استقالة الخصاونة، قد عمد الى احراج الملك مجدداً من خلال تناقض تصريحاته السابقة مع خطاب الرد على كتاب استقالة عون الخصاونة.وبذلك تنجح مرة أخرى مراكز القوى الخفية في تغولها على الولاية العامة للسلطة التنفيذية والإساءة الى مقام جلالة الملك.

وبمناسبة ذكر القوى الخفية وقوى الشد العكسي، فإن المماطلة الحقيقية كانت من خلال مجلس النواب الذي أصبح مطواعا لها وانشغل في الفترة الماضية عن مناقشة المواضيع الرئيسية والاصلاحية بمناقشة مواضيع جانبية ذات منافع شخصية لهم زادت بإضطراد من السخط الشعبي العارم عليه؛ حيث ركز بمناقشاته على  قانون جوازات الدبلوماسية مدى الحياة، وقانون التقاعد مدى الحياة للنواب والأعيان، والمطالبة بطرح الثقة بأحد الوزراء لخلافات شخصية...الخ. كل ذلك تم في وقت تعاني فيه الدولة من عجز مالي متراكم وهائل، ويعاني فيه الشعب من فقر مدقع.

لذلك فإن من أبرز الأسباب التي حدت برئيس الحكومة بالتنسيب الى عقد دورة استثنائية بعد شهرين بدلا من تمديد الدورة العادية لهذا المجلس، حتى تستطيع حكومته السير قدما في الإجراءات اللوجستية لإنشاء الهيئة العليا للإشراف على الإنتخابات (والتي يعد تشكيلها الضامن الأساسي لإجراء الإنتخابات النيابية والبلدية في أقرب وقت ممكن) بعيدا عن جلسات ومناكفات المجلس العبثية، وإعادة النظر بروية في قانون الإنتخابات الذي يهم كافة الأطياف السياسية والمتناقضة من أجل الوصول الى حلول وسط بين مؤسسة القصر وأطياف المعارضة وأبناء العشائر وفئات الشعب المختلفة من أحزاب ونقابات وغيرها في محاولة جادة وخالصة للتخفيف من المعارضة الشعبية بما يضمن مشاركة كافة القوى الوطنية في الانتخابات القادمة.

مرة أخرى، كان عون الخصاونة يؤكد مجددا على أهمية جودة قانون الإنتخاب قبل التعجيل باقراره. وعلى الرغم من تفضيله الشخصي لقانون انتخاب 89، الإ انه في موقعه كرئيس لوزراء الأردن وما تتميز به شخصيته من خلفية حقوقية وقانونية واحترامه للرأي والرأي الآخر، ارتأى أن يقبل بمشروع القانون المقدم كحل وسط يلبي طموحات أغلب الأطراف ذات العلاقة  بعيدا عن ميوله وآرائه الشخصية. على أن يعقب ذلك تشكيل الهيئة العليا للإشراف على الإنتخابات، ومن ثم تتم الدعوة الى عقد دورة استثنائية "محددة فقط" من أجل مراجعة هذه التشريعات وإقرارها. وهذا التوجه بشكل عام يصب في مصلحة البلد، ويعد خيارا أفضل من تمديد الدورة العادية للبرلمان لمدة شهرين يحق فيها لكل نائب طرح وفتح العديد من المواضيع الجانبية لمناقشتها تحت القبة. هذا هو الفرق الدستوري بين الدورة العادية والدورة الإستثنائية؛ حيث لا يجوز في الدورة الإستثنائية مراجعة أي موضوع آخر لا يتم تنسيبه للمناقشة في الدورة الإستثنائية.  إذن أين أصبحت المماطلة الآن؟؟ ومن هي الجهات التي تقف ورائها؟؟ وهل اجراء الانتخابات النيابية في فترة قريبة وبمشاركة شعبية ضعيفة أهم من الحصول على قانون انتخاب قوي وشعبي يخدم الأردن للعقود القادمة؟؟

وأخيراً وليس آخراً، فإن الدستور الأردني كفل لرئيس الحكومة حق الولاية العامة في الدولة. وإن التوجيهات الشفوية لجلالة الملك لا تعفي رئيس الوزراء وأعضاء حكومته من مسؤولياتهم الدستورية. فهم المسؤولون أمام الدستور والملك غير مسؤول. كما كفل الدستور الأردني أيضا لجلالة الملك فقط حق حل وإقالة الحكومة الأردنية إذا ما ارتأى أنها تخالف توجيهاته السامية، بعيدا عن تدخله المباشر في قرارات الحكومة التنفيذية التي هي من حقها الدستوري وتتحمل مسؤولية قرارتها وحدها. لذلك على الرغم من سعي عون الخصاونة الدؤوب الى استرداد الولاية العامة للحكومة وعودة الأمور الإدارية الى ما هو منصوص عليه في الدستور الأردني والحد من تغول السلطات على بعضها البعض، فإن تدخل المرجعيات العليا في الديوان الملكي بقوة على أعضاء حكومة الخصاونة أثناء غياب صاحب الولاية العامة في زيارة رسمية خارج أرض الوطن لإقرار قوانين حكومية وبعكس رغبته، يعد تدخلا سافراً بكافة المقاييس ويهدم هدف الإصلاح من أساسه. لذلك كان لزاماً عليه وصونا لحقه الدستوري أن يتقدم بإستقالته مباشرة ودون تأخير بعدما رأى في النهاية أنه على مدى الأشهر الستة الماضية لم يعط الحرية الكافية لتنفيذ برامجه الإصلاحية التي كان يحول بينه وبينها مراكز القوى في الديوان الملكي والجهات الأمنية. لقد ألمح دولة عون الخصاونة مرارا وتكرارا من وجود مراكز قوى خفية تضغط على حكومته وتعرقل عملها وتحرك الخيوط غير المرئية في السياسة الأردنية في أكثر من مناسبة تمثلت بعضها في الحد من محاولاته الحثيثة للإفراج عن المعتقلين السياسيين وانشاء المحكمة الدستورية بدلا من محكمة امن الدولة..الخ. واستطاع دولته إجتياز معظم هذه العقبات بكل روية ونجاح، ولكن التدخل الأخير كان سافراً جدا بحيث أصبح لزاماً عليه تقديم إستقالته بشكل قطعي ونهائي حتى يصون حقه الدستوري الذي أقسم على حفظه عند أدائه القسم أمام جلالة الملك. وفي هذه الحالة، فإن صون الدستور وحمايته يتقدم حقاً ومطلباً أمام جميع البروتوكولات المعتمدة سابقا عند تقديم الإستقالة وإتخاذ القرارات الحاسمة. 

وفي الختام، فإننا نسأل الله عز وجل أن يحمي هذا البلد آمناً ومستقراً، ويوفق أبنائه المخلصين لحمايته في هذه الأوقات الإستثنائية. كما نتقدم من دولة القاضي عون شوكت الخصاونة بعظيم الشكر والإمتنان على أدائه الرائع والرفيع، ومواقفه الرجولية الجريئة والشجاعة، ويقظة ضميره وتحمله مسؤوليته الدستورية بإقتدار، وإخلاصه لله والوطن والملك. ونضم صوتنا الى صوته بأن ندعوا الله عز وجل أن يهدي جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين لما فيه رضا الله وخيره.

 

حمى الله الأردن وطنا وشعبا وقائدا

والله من وراء القصد